إدماج ذوي الإعاقة في التكيّف مع تغيّر المناخ والتنمية المستدامة: ممارسات فضلى من شمال إفريقيا



 

تسير القضايا البيئيّة وحقوق ذوي/ات الإعاقة جنبًا إلى جنب. لذا يحتاج مجتمع ذوي/ات الإعاقة أن يكون في طليعة الحركة حول التغيّر المناخي. فالعدالة المناخية تتعلق بالناس، وتغيّر المناخ هو قضية من قضايا حقوق الإنسان. يؤثر تغيّر المناخ على المجتمعات الأكثر هشاشة أكثر من غيرها. فلا ينبغي إغفال الفرصة والعدالة. (غنيس، 2016)

 

يعتبر تغيّر المناخ أكبر تحدٍّ يواجهه العالم على الإطلاق، والأشخاص ذوو الإعاقة معرّضون بشكل خاص لآثاره العديدة. بعبارة أخرى، فإنّ أيّ حديث حول تغيّر المناخ والقضايا البيئية هي مناقشة عامة ينبغي أن تشمل الجميع، بغض النظر عن عرقهم/ن، طبقتهم/ن، هويتهم/ن الجندرية، وإعاقتهم/ن. ومع ذلك، يتمّ عزل مجتمع الإعاقة في معظم الأحيان من هذا النقاش على الرغم من أنهم/ن معرّضون/ات بشكل خاص لآثار تغيّر المناخ، لأنهم/ن معزولون/ات من قبل أنظمة القمع، ممّا يجعل هذه المسألة قضية عدالة للأشخاص ذوي الإعاقة. إذاً، أين يندرج مجتمع الإعاقة في العدالة المناخية التكيفية؟ وكيف يمكن أن يكون دوره أساسيًا في تكثيف الجهود من أجل العمل المناخيّ لبناء مستقبل مستدام؟

 

إن الأشخاص ذوي الإعاقة هم الأقليّة الأكثر حرمانًا في العالم، ويُعتبرون أفقر الفقراء، حيث أن الفقر والإعاقة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا ويشكّلان حلقة مفرغة (إيلوان، 1999). على الرغم من أن الأشخاص ذوي الإعاقة (
PwDs
) متنوّعون ولا يعانون من التمييز بالدرجة ذاتها، إلا أنهم ما زالوا يواجهون تمييزًا متعدد الجوانب ومستوى عالٍ من الفقر المتعدد الأبعاد (رووردر، ٢٠١٥)، في حين أن استبعادهم/ن من القوى العاملة يضاعف تهميشهم/ن (حسينبور، وآخرون، 2013). هناك خمسة عوامل أساسية مقترَحة في خطّة أهداف التنمية المستدامة للعام 2030 للتنمية الشاملة، لفهم من يتم استبعاده ولماذا، وهي: التمييز، مكان الإقامة، الوضع الاجتماعي والاقتصادي، الحوكمة، والضعف أمام الصدمات. إن هذه العوامل المذكورة، إذا ما تعمّقنا فيها، هي حواجز ثابتة تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة. إن مشاركتهم/ن في عملية التنمية، سواء كوكلاء/ وكيلات أو مستفيدين/ات، هي إما غائبة تمامًا أو رمزية. فعلى سبيل المثال، يشير مكان الإقامة إلى وجود ثغرات في البنى التحتية، كالعيش في مؤسسة سكنية أو عزلة جغرافية مع عدم إمكانية الحصول على الخدمات كما هو الحال في بعض المناطق الريفية أو النائية. من ناحية أخرى، فإن استبعادهم/ن من الحوكمة هو عائق مرتبط بشكل وثيق بالظلم وغياب المحاسبة أو عدم إمكانيتهم/ن من الوصول إلى عمليات صنع القرار.

 

كما هو الحال في العدالة الاجتماعية، هناك بعض الفئات المهمّشة تاريخيًا والمستبعدة عمدًا، التي ما زالت تناضل نحو العدالة المناخية من أجل المساواة وإشراكها في الحصول على الموارد اللازمة. إن هذه الفئات المهمّشة
هي عرضة لدرجات أعلى من الخطر والضرر اعتمادًا على العمر والصحة والجنس والإعاقة، وكذلك قدرتها على الصمود (ميك لانج، روجرز، ودودز، 2013). ولذلك، فإنها تتأثر بشكل غير متساوٍ بالمخاطر البيئية (هاملتون، 2019)، كونها تفتقر للموارد وستكون الأكثر تضررًا، خاصة في البلدان "النامية" والجنوب العالمي.

1.

النساء والفتيات، والأشخاص في المناطق الريفية، والشعوب الأصلية، والأقليات الإثنية واللغوية، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمهاجرين/ات، والأقليات الجنسية والجندرية، وفئة الشباب، والمسنين/ات، جميعهم/ن في حرمان من الأبعاد الأساسية للتنمية البشرية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "تقرير التنمية البشرية لعام 2016: تنمية للجميع")

 

 

هناك اعتقاد بأنّ عدد المصابين/ات بإعاقات جسدية وعقلية في العالم سيزداد مع مرور الوقت. إنّ نطاق الإعاقة يتّسع باستمرار، حيث أننا نواجه العديد من العوامل، بما في ذلك سوء التغذية والمرض، والمخاطر البيئية، والحوادث المرورية والصناعية، والصراع الأهليّ والحرب (مركز الدراسات الإفريقية، 2008). على الرغم من عدم وجود الكثير من الأبحاث المتاحة حول أعداد ملموسة تتعلّق بتأثير تغيّر المناخ على مجتمع الإعاقة، يمكن النظر إلى تأثير تغيّر المناخ بشكل عام من منظور صحة الإنسان كمؤشر "سنوات العمر المعدّلة حسب الإعاقة" (
DALYs
).
ويبيّن هذا المؤشر أنّ تدنّي نوعية الخدمات الصحية يؤثر على شدّة الإعاقة ويقلل من نوعية الحياة. فعلى سبيل المثال، تتسبب موجات الحرّ بزيادة الإصابات، وتزيد من احتمالية الإنهاك الحراريّ وضربة الحرّ، ونقص المحاصيل، وسوء التغذية، وانتشار الأمراض بسبب الضعف الشديد والصحة الهشّة، بالإضافة إلى الصراعات المتصلة بالمناخ. يمكن أن يؤدي التغيّر الحادّ في الطقس والكوارث المناخية الأخرى إلى إلحاق الضرر بالاقتصادات وانخفاض الإنتاج الزراعي والحيواني، وزيادة عدم المساواة بين الفئات الاجتماعية (ديفون، 2019). فقدت القارّة الأفريقية حتى الآن أكبر عدد سنوات العمر المعدّلة حسب الإعاقة في 1000 شخص نتيجة التغيّر المناخي (انظر الشكل 1)

2.

إن سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة (
DALY
) هو مقياس للعبء الكلّي للمرض، ويعبّر عنه بعدد السنوات التي فقدت بسبب المرض أو الإعاقة أو الوفاة المبكرة. وقد تم تطويره في التسعينات كوسيلة لمقارنة الصحة العامة والعمر المتوقع في مختلف البلدان.

 

الشكل 1: الآثار المقدّرة لتغيّر المناخ في عام 2000، حسب "منظمة الصحة العالمية".

 

الشكل 1: الآثار المقدّرة لتغيّر المناخ في عام 2000، حسب "منظمة الصحة العالمية".

 

إن أفقر الفئات وأضعفها، مثل كبار السن والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة والأطفال والأقليات سيكونون الأكثر تعرّضًا لعواقب تغير المناخ دون أي تدخّل أو تكيّف (أولسون وآخرون، 2014)،
حيث أن هذه الفئات كانت تقليديًا مقصية عن أنظمة السكن والصحة الملائمة. يزيد تغيّر المناخ من عدم المساواة في المجتمع، وأثره الأكبر سيكون على الأشخاص الأقل مساهمة في التغيّر المناخي، وأقلّ وصولًا إلى الموارد في الوقت نفسه (كوستيلو، وآخرون، 2009). إن الأشخاص ذوي الإعاقة هم الأكثر عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ بسبب الظروف الصحية الموجودة مسبقًا، والاحتياجات الشخصية والطبية، بالإضافة إلى التهميش المتكرر (غينيس، ٢٠١٦)والذي يتزايد أحيانًا مع ازدياد العوامل التي يتمّ التهميش على أساسها كالجندر والإعاقة.

3.

في تقرير التقييم الخامس، تشير مجموعة العمل الثانية إلى أن الأشخاص المستبعدين اجتماعيًا وجغرافيًا، بما في ذلك مَن يواجهون التمييز على أساس الجنس والعمر والعرق والطبقة الاجتماعية والإعاقة، يتأثرون بشكل خاص بالمخاطر المناخية (أسلون وآخرون، ٢٠١٤، ص. ٧٩٦).

 

 

بعد العمل مع حركات حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في دول شمال إفريقيا، وكحليفة لمجتمعات الإعاقة، أدركتُ أنّ وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الموارد والعدالة صعب على عدّة مستويات، مما يجعل بناء مجتمع ذوي/ات الإعاقة صعبًا ومحدودًا. من منظور عام، من الصعب معالجة مستقبل الأشخاص ذوي الإعاقة في هذه المنطقة أو في أي مكان آخر من دون تقييم مستوى اندماجهم على مستوى صنع القرار. لمعالجة هذه المشكلة، من المهم أن نعي أن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يحصلون على المؤهلات والمهارات الأساسية التي تسمح بمشاركتهم الاجتماعية والاقتصادية. يأتي هذا نتيجة اقصائهم/ن المتكرر من النظام التعليمي، فضلًا عن محدودية الوصول إلى المعلومات وبرامج التدريب التي من الصعب الوصول إليها. على الرغم من عدم وجود بيانات واضحة أو موثوقة حول الواقع المعيشي للأشخاص ذوي الإعاقة في شمال إفريقيا، إلا أن الأدلّة المتاحة تشير إلى أنهم يشكّلون واحدة من أكثر مجموعات السكان المهملة والمستبعدة في المنطقة، ويعانون من وصمة العار الثقافية ونقص الوعي، والعيش في بيئات من الصعب الوصول إليها (من ناحية الخدمات وأماكن العمل) خاصة في المناطق الريفية، بالإضافة إلى الافتقار العام للحماية الشاملة واحترام حقوقهم/ن (رووردر، ٢٠١٨)
.

 

في العقدين الماضيين، اعتمدت معظم دول شمال إفريقيا قوانين شاملة للإعاقة، وطوّر العديد منها استراتيجيات وخطط عمل خاصة بالإعاقة. يبدو أن التقاطع بين التكيّف مع تغيّر المناخ، والحاجة إلى التنمية المستدامة، والإعاقة يرسم حدودًا جديدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة. يتشابه وضع الأشخاص ذوي الإعاقة في بلدان شمال إفريقيا، حيث يتميّز بشكل أساسي بالفقر، ومحدودية الوصول إلى التعليم الرسمي، وارتفاع مستوى البطالة، وعوائق كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسية والفرص، بالإضافة إلى معاملتهم بطريقة سلبية أو ذات الطابع الخيري لهم.
علاوة على ذلك، تعاني السياسات والبرامج العامة التي تستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة من نقص في التماسك والتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة من المستوى الوطني إلى المستوى المحلّي. فهي غالبًا لا تستند إلى تحديد واضح للاحتياجات الحالية. حتى الآن، لا تزال الوسائل المتاحة من حيث الإدماج التعليمي والمهني والاجتماعي غير كافية لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من التمتّع بحياة كريمة داخل مجتمعاتهم.

4.

غالبًا ما تتسم مواقف المجتمع ككل تجاه الإعاقة بالشفقة والعمل الخيري، بدلًا من النظر إلى الأشخاص ذوي الإعاقة كمواطنين/ات يتمتعون بحقوق متساوية ولديهم إمكانية المساهمة في المجتمع، بما في ذلك النمو الاقتصادي. (هانديكاب انترناشونال)

 

 

وبالتالي، فإن بلدان شمال إفريقيا بحاجة واضحة إلى تدابير ومبادرات محددة تستهدف الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للأشخاص ذوي الإعاقة. إن الإدماج الاجتماعي
على سبيل المثال، هو عامل أساسي للشعور بالرفاهية وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، ما يسمح لهم باكتساب الشعور بالانتماء إلى مجتمعاتهم. يمكن قياس ذلك من خلال مستوى مشاركتهم/ن في الأنشطة الجماعية، بينما يمكن أن يأتي التمكين بعدة طرق مختلفة: من تلبية احتياجاتهم/ن الأساسية، إلى العمل بأجر أو الشعور بالتقدير في العمل، والشعور بالاستقلالية أو الاعتماد على الذات، وأن يتعامل معهم/ن الناس على أساس شخصهم/ن وقدراتهم/ن. يساعد الدمج الأشخاص ذوي الإعاقة على الشعور بالقوة ويبني احترامهم لذاتهم وثقتهم بأنفسهم، كما يغيّر تصوّراتهم عن الإعاقة.

5.

في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (
CRPD
)، يعرّف الإدماج الاجتماعي في الوقت نفسه كمبدأ عام يُطبق على المجتمع بأسره (المادة 3)، وهو التزام على الدول الأطراف (المادة 4) وحق للأشخاص ذوي الإعاقة (المواد ١٩ و٢٩ و٣٠).

 

 

تتمثّل إحدى الممارسات الرئيسية التي يتمّ الترويج لها وتنفيذها في جميع أنحاء العالم في تسليط الضوء على قضايا الإعاقة من خلال قوة مجتمع الإعاقة. يحدث ذلك من خلال تدريب الجهات المعنية المحلية وإعلامها عن حقوق وإمكانيات الأشخاص ذوي الإعاقة، مع ضمان إدراجهم في مبادرات التكيّف مع المناخ، على سبيل المثال من خلال أنشطة محددة لتحسين وصولهم إلى التدريب المهني، وتوفير فرص العمل مع أصحاب العمل المحليين.

 

منذ ثورة كانون الثاني/يناير ٢٠١١، يمر المجتمع التونسي بديناميكيات سياسية واجتماعية جديدة، حيث ازدهرت منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء البلد بعد اعتماد قانون جديد يوفّر حرية تكوين الجمعيات والتجمعات للمواطنين/ات (بيكر، 2015)، فيما كانت تخضع في السابق لسيطرة النظام. يلعب المجتمع المدني التونسي الآن دورًا أكبر في الديمقراطية الانتقالية التي تمرّ بها البلاد، ولا سيما من خلال الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات المدنية وتعزيزها. وفقًا لمنظمة
Humanity and Inclusion
الإنسانية والدمج (المعروفة سابقًا باسم
Handicap International - HI
)، وفي إطار الجهود والتغييرات العديدة التي تحدث على المستويين الوطني والمحلي، تطالب العديد من المنظمات التي يقودها الأشخاص ذوي الإعاقة (
DPOs
)، بالمشاركة بشكل مباشر في القرارات التي قد تهمّ السكّان الممثلين لهم (باخشي، غال، لوبيز، وتراني، 2014).

 

يمكن رؤية هذه الديناميكية على مستوى محافظة قابس
حيث تحاول الجهات الفاعلة في المجتمع المدني حشد جهود الجهات الفاعلة المحلية من أجل الحفاظ على النظم البيئية، في مواجهة التحديات الاقتصادية والصحية والبيئية،
من خلال نهج مبتكر وتشاركي، للوصول إلى حلول تتكيّف مع واقع الإقليم.

6.

إحدى محافظات تونس الأربع والعشرين التي تقع في الساحل الجنوبي الشرقي للبلاد.

7.

تشتهر المنطقة بتنوعها البيولوجي الغني، إلا أنها تعتبر "بؤر تلوث" في البحر الأبيض المتوسط، وتعاني من آثار التلوث الصناعي الشديد لعقود. يهدد النشاط الصناعي المكثف في المنطقة، بالإضافة إلى عوامل بيئية أخرى، وجود الواحات والنظم الإيكولوجية، مما يؤثر على حالة الحيوانات والنباتات، ويؤدي إلى تدهور صحة ورفاهية السكان المحليين. الوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية

 

 

بعد خطوة تجريبية في العام 2016، نفّذ "مكتب ذوي الإعاقة التونسي" و"اتحاد مساعدة ذوي الإعاقة الذهنية" (
UTAIM
) بقابس و"الوكالة التونسية للتشغيل والعمل المستقل" (
ANETI
) مشروعًا مدّته سنتين بدعم من الاتحاد الأوروبي وبالتنسيق مع منظمة "الإنسانية والدمج" وبالشراكة مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني الناشطة في المحافظة. تهدف المبادرة بشكل أساسي إلى تعزيز "الوظائف الخضراء"
كفرصة جديدة للإدماج الاجتماعي للسكان الضعفاء وتعزيز التنمية المستدامة في محافظة قابس. تهدف هذه المبادرة المحلية، استنادًا إلى نهج أصحاب المصلحة المتعددين، إلى دعم ديناميكيات التنمية المحلية الشاملة وتحسين وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الحوكمة البيئية، من خلال مساهمتهم الاجتماعية والمهنية في التنمية المستدامة لأراضيهم.

8.

وظائف في الأعمال التجارية التي تنتج سلعًا أو تقدم خدمات تفيد البيئة أو تحافظ على الموارد الطبيعية. الوظائف التي تتضمن واجبات العمال/العاملات فيها جعل عمليات الإنتاج الخاصة بمؤسستهم أكثر ملاءمة للبيئة أو استخدام موارد طبيعية أقل (مكتب الولايات المتحدة لإحصائيات العمل ، مارس 2013).

 

 

كانت فكرة المشروع تستهدف بشكل أساسي إنشاء ديناميكية تشاور بين الجهات العامة والجمعيات والجهات الخاصة المشاركة في التنمية الاقتصادية وحماية البيئة في المحافظة، بهدف تحفيز الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للسكان الضعفاء، لا سيما من خلال خلق وظائف في المهن الخضراء: من إنشاء شبكة من الجهات الفاعلة المشاركة في الحوكمة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المحلية، إلى تحديد الاحتياجات والفرص لإدماج الفئات الضعيفة، وخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة، في إجراءات التنمية الاقتصادية المحلية التي من شأنها حماية النظام البيئي المحلي. اختُتمت المبادرة بوضع خطة عمل إقليمية لتنمية اقتصاد مستدام واجتماعي يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة بصفتهم فاعلين ومستفيدين.

 

كما نجحت المبادرة في التأكيد على دور منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال جعلها تشارك بنشاط أكبر في تعزيز الإدارة البيئية المحلية، من خلال تنفيذ إجراءات تتماشى مع مبادئ التنمية المستدامة. وقد ضمن ذلك مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال استجابة منسقة تستند إلى حقوقهم واحتياجاتهم وتعبّر عن خيارهم الجماعي والفردي.

 

في مثل هذه المبادرات، يتم حشد منظمات المجتمع المدني ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة حول ديناميكيات الشراكة بين الجهات المعنية المتعددة التي تعزز قدراتهم على تنفيذ مبادرات اقتصادية محلية مبتكرة وداخلية وصديقة للبيئة تمكن من الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للفئات السكانية الضعيفة – لا سيما النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة. ضمن هذه المفاهيم، يتم إيلاء المزيد من الاهتمام للتفاعل بين الأشخاص ذوي الإعاقة وبيئتهم/ن، حيث يعيشون ويتعلّمون ويعملون. على هذا النحو، كان هناك اهتمام متزايد بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاندماج الكامل في مجتمعاتهم وأهمية تقرير المصير والمشاركة لضمان نوعية حياة لائقة.

 

يجب رفع مستوى هذه المبادرات المحلية إلى المستوى الوطني ونشرها في جميع أنحاء المنطقة من خلال تكرار ديناميكيات الشراكة بين الجهات المعنية المتعددة، وإنشاء جسور جديدة من التعاون مع وسائل وحلول مبتكرة لضمان شمول وقيادة الفئات الأكثر تهميشًا في استراتيجيات التنمية المحلية. بتعبير أدق، سيساعد هذا في تعزيز الوصول إلى العدالة للأشخاص ذوي الإعاقة والتصدّي لتحدّيات بطالتهم، بالإضافة إلى تعزيز الوظائف الخضراء من أجل الاستدامة البيئية.


 

إدماج ذوي الإعاقة في التكيّف مع تغيّر المناخ والتنمية المستدامة: ممارسات فضلى من شمال إفريقيا